السبت، 31 أكتوبر 2015

المنقالة

المنقالة المعكوسة، تستور 

المنقالة هي السّاعة (تنطق  قاف هذه الكلمة [g]). لنلاحظ في البداية تقارب هذه الكلمة مع كلمة منقلة (Fr. rapporteur)  لقيس الزوايا. أما وجه الشبه فهو كذلك في الشكل وفي الاعتماد على النظام الستّيني (sexagésimal)
ثم، هل تساءلتم مثلي لماذا ينطق من تعود نطق القاف كلمة منقالة بالـ [g] ؟
للتعرّف على أصل هذه الكلمة أدعوكم أولا إلى زيارة دار المجانة (تنطق الجيم [g]) أو المكانة بالمدرسة البوعنانية في مدينة فاس المغربية والتي يرجع عهدها إلى منتصف القرن الرابع عشر. والمجانة هنا هي ساعة مائية (Clepsydre). 
 المدرسة البوعنانية، فاس

كما أن البحث عن كلمة منقالة يأخذنا إلى اسبانيا أين نجد Torre de Mangana في مدينة Cuenca وهي عبارة عن برج مربع الشكل يحتوي على ساعة يرجح أنها كانت في الأصل مائية.
Torre de Mangana, Cuenca, Espagne


لذا يرتبط اسم المكانة أو المجانة أو المنجانة بالساعات المائية التي طورها العرب انطلاقا من الساعات الفارسية. وفي هذا اللقاء بين العرب والفرس تنتظرنا مفاجأة لغوية إذ يتضح أن أصل كل الكلمات التي رأيناها هي كلمة ... فنجان.
والمتأمل في صورة الساعة المائية الفارسية التالية يفهم كيف أمكن للفنجان أن يصبح منقالة.

 وكلمة فنجان الفارسية (بمعنى التوقيت) لها رسم آخر وهو بنكان فدخلت إلى اللغة العربية باسم بنكام وهي كلمة مستعملة إلى يوم الناس هذا في المشرق للدلالة على ساعة الرمل (sablier) أما نحن، معشر المغاربة، فغيرناها كعادتنا حتى أصبحت منقالة في تونس و مجانة في المغرب الأقصى.
في النهاية، لنا أن نتساءل إن وقع تداخل في وقت ما في الأندلس بين كلمة مجانة/مكانة ذات الأصول الفارسية والكلمة الاسبانية من أصل يوناني máquina  




الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

كنباص

الكنباص هو العقل السليم والاتزان ووضوح الأفكار. كما أننا استخرجنا من هذه الكلمة فعل كنبص (فكّر مليّا)  ومنها كذلك كلمة تكنبيص. أصبحت تستعمل على سبيل الدعابة والمزح.
الكنباص جاءتنا من لغة أهل البحر وهي عندهم البركار الذي يستعملونه مع البوصلة لرسم طريقهم على الخرائط وتحديد المسافات. من هذا نفهم أن القادر على استعمال البوصلة والبركار هو الذي بيده مصير النوتية.
كلمة كنباص جاءتنا من الاسبانية compàs وكانت ترسم كذلك قنباص وقنبوص وكان لها نفس الاستعمال المجازي الذي لها عندنا اليوم. فالرجل القنباص هو الرجل الماهر، الفطن، الحاذق.
والملفت أن كلمة compas الفرنسية كان لها استعمال مجازي يشبه إلى حد ما استعمالنا: 
Ouverture de compas = Ouverture d'esprit, largeur de vues. J'aime mieux la Correspondance de Voltaire. L'ouverture du compas y est autrement large! (FlaubertCorrespondance,1876, p. 384) (cnrtl.fr)
أما الأنجليز فيستعملون  compass  للدلالة على البوصلة   و compasses للبركار.


الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

قرطبون

القرطبون في لغة المرمّاجية يعني زاوية قائمة. وإذا موش قرطبون، الليقة تجيب! والقرطبون عندنا هو كل أداة تسمح  للسطا بالحصول  على زاوية قائمة أما في الأصل فهو مسطرة ذات ثلاثة أضلع.
الكلمة من أصل إيطالي quarto buono أي الربع الجيِّد أو الربع الصحيح بما أن ربع الدّائرة يعطي زاوية قائمة.
ويبدو أن الكلمة قد اندثرت من الإيطالية الحديثة منذ عهد بعيد كما يشير إلى ذلك اللغوي الإيطالي Angelo Pezzana 1772-1862 


وهي أصلا من مصطلحات الهندسة الحربية في مدينة فلورنس الإيطالية وهي أداة تسمح للمهندس الحربي الحصول على زاوية التحصينات الترابية التي يريد إقامتها. والصورة الموالية ترجع إلى حوالي سنة 1545 وهي لـ Giovan Battista Belluzzi في كتابه Trattato delli fortificationi di terra (شكرا لـ Google Books)


الاثنين، 26 أكتوبر 2015

سبيسيرية

السبيسيرية: كلمة تعلمناها قبل كلمة صيدلية أو فرمسي.
ولا زلنا نستعملها مجازا كرمز للأسعار المشطّة: "فلان، سبيسيرية على حالو!"
وهي من أصل إيطالي spezieria  متكونة من spezia  (التوابل) و eria للدلالة على المحل. أي محل بيع التوابل، تماما مثل الكلمة الفرنسية épicerie التي كانت تدل في الأصل على التوابل (épices) ثم محل بيع التوابل ومنه إلى الدكان عموما.
وللكلمة الإيطالية معنى صيديلة في لهجتين: الكلابرية (calabrese) والمالطية ورسمها في اللغة المالطية spiżerija. وأرجح شخصيا أنها جاءتنا عن طريق الجالية المالطية قبل الاحتلال الفرنسي.