الجمعة، 6 نوفمبر 2015

صوردي

الصّوردي، أو السّوردي، قطعة نقدية تجمع على صوارد. تستعمل الكلمة عندنا في تونس وكذلك في الجزائر.
 

في تونس، نستعملها عادة للتعبير عن مبلغ زهيد (عندي زوز صوردي،) أو للتحقير من شأن شخص ما (صوردي منقوب).
التسمية الرسمية صنتيم و الشعبية صوردي

والأرجح أننا أخذنا هذه الكلمة من اللغة الإيطالية أو بالأحرى من إحدى اللهجات الإيطالية المحلية. 
يستعمل الإيطاليون اليوم كلمة soldi للدلالة عن المال أو النقود ومفردها soldo وهي قطعة نقدية صغيرة تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر (وهي جزء من عشرين من الليرة). أما في مدينة نابولي فكانت الكلمة تنطق sordo وجمعها sordi ويرجح أن هذا هو أصل الكلمة عندنا.
أما أصل الكلمة الإيطالية فهو اللاتينية solidus وهي كذلك قطعة نقدية إلا أنها من الذهب (4,5 غرامات أي ما يقابل حوالي 100 دولار أمريكي في 2015).

أما عن "أحفاد" كلمة soldo الإيطالية فنجد، إضافة إلى صوردي، soldato (من يتقاضى soldi: الجندي) وهي التي أفرزت الفرنسية soldat والانجليزية soldier. كما نجد كلمة solde الفرنسية، وهي في الأصل أجر الجندي. أما اللاتينية solidus فقد أفرزت الفرنسية sou (قديما sol) وكذلك كلمة solide. 




دورو


هذه الكلمة ينطبق عليها المثل الشهير "بعد السيف علّق منجل"! إلا أنها في الفترة الأخيرة استرجعت شيئا من سالف مجدها كما سنرى.
الدورو قطعة نقدية قيمتها خمس مليمات ونستعملها مجازا للتعبير عن الشيئ الذي لا قيمة له (بو دورو).
جيل آبائنا وأمهاتنا كان يحسب بالدّورو فالعشرين عندهم "أربعا دورو" و كانت الوالدة، رحمها الله، تصل إلى حدود "تسعطاش ان دورو" أي 95 مليم.
الدورو جاءنا من الاسبانية duro بمعنى "صلب" وهي صفة أطلقت على قطعة نقدية فضية بقيمة 8 ريالات (real) تعود إلى سنة 1497 لها عدة تسميات، نذكر منها
 real de a 8peso de ocho, peso fuertepeso duro, dólar español

 وعبارة peso duro تعني ذو الوزن الصلب نظرا إلى قيمة القطعة. وأصبحت هذه القطعة النقدية أساسا للاقتصاد الاسباني المعولم فغزت العالم: من أمريكا (وهي أصل الدولارين الأمريكي والكندي) وأخذت منها أمريكا اللاتينية الجزء الأول فكانت عملاتها الـ peso وأخذنا نحن الجزء الثاني الذي أصبح عندنا الدورو. ويقال أن هذه القطعة هي أصل رمز الدولار $ لأنها تحتوي على صورة لعمودي هرقل (كما في الصورة) إضافة إلى حرف S رمزا لاسبانيا.

أما في الفترة الأخيرة فالدورو فقد قيمته عندنا إلى حد أن البعض أصبح يكدّسه داخل داميزانات (أنظر داميزانة في هذه المدونة) لتزيين قاعات الجلوس. إلا أن شركة فرنسية أعطت للدورو التونسي نفسا جديدا وذلك باعتماده لصنع أزرار الكُم (boutons à manchettes) تفوق قيمتها قيمة القطعتين النقديتين آلاف المرات.







برطلة


نقول برطلّة أو برطيلة. نستعملهاعادة في عبارة "بو برطلّة" وهي ترمز للمستعمر الذي كان يلبس قبّعة (برطلة). عبارة نتشارك فيها مع الليبيين. وهذه أبيات من الشاعر الليبي ارحومه بن مصطفى وهو يتكلم عن حلول الاستعمار الإيطالي:
راحو ضنا لاجواد منها جملة
متبدلات اسعارها والعملة
وكل حد عنده عون متنسم له 
من حيش بدل السلطان بو برطله
 وبو برطله هنا هو المستعمر الإيطالي.
ولا تزال العبارة مستعملة عندنا سواء للتعبير عن الأجنبي المهدِّد للنخوة الوطنية (في مجال كرة القدم مثلا "نادَيْنا بالبنزرتي قبل كويلهو ولكنهم خيّروا بو برطلة")
أو عن التونسي المتهم بالتنكّر لهويّته ("أحفاد بو برطله") 
وكلمة برطلة مذكورة في لسان العرب وأصلها حسب ابن منظور نبطي:
والبُرْطُلَة: المِظَلَّة الصيفية نَبَطيّة، وقد استعملت في لفظ العربية. وقال غيره: إِنما هو ابن الظُّلَّة والبُرْطُل، بالضم: قَلَنْسُوَة، وربما شُدّد. قال ابن بري: ويقال البُرْطُلَّة، قال: وقال الوزير السَّرْقَفانَةُ بُرْطُلّة الحارس.
ولنا أن نتساءل عن السبب الذي رشّح هذه الكلمة لتصبح رمزا للمستعمر.   

الخميس، 5 نوفمبر 2015

زمبراك

الزمبراك عندنا هو جزء خارجي من الساعة يسمح بتعديل الوقت و "تعمير" المنقالة (Fr. remontoir; Eng. winder).

هذه الكلمة مستعملة في أنحاء أخرى من العالم العربي في شكل زنبرك إلا أن معناها هو اللولب أو النابض (Fr. ressort; Eng. spring) سواء كان في الساعة أو في غيرها من الآلات. كما أن الكلمة كانت تعني قديما حديدة تطلق بها البندقية.
والمرجح أن كلمة زمبراك دخلت العربية عن طريق التركية العثمانية وهي مستعملة إلى اليوم وترسم  zemberek ومعناها اللولب أو النابض.


أما الأصل فيرجع إلى الفارسية زنبورك، تصغير لزنبور، وهو نوع من الذباب اللاسع إلا أن الكلمة تطورت عندهم فأصبحت تعني مدفع أو بندقية كبيرة تحمل على ظهر الجمل ويخدمها عدد من الجنود كما في الصورة.
زنبورکچی دوره قاجار با زنبورکی که پشت شتر گذاشته شده‌است

كما أن لكلمة زنبورك الفارسية معنى آلة من أقدم الآلات الموسيقية وهي ما يسمى guimbarde بالفرنسية و Jew's harp أو Jaw harp بالانجليزية. وخاصية هذه الآلة أنها تعتمد على قطعة من الحديد اللين مثبتة من جهة واحة تحدث أصوات موسيقية إذا هزت بالإصبع. ومن هنا يتضح وجه الشبه مع اللولب الذي كان يصنع من قطعة مماثلة من الحديد.
ومن عباراتنا التونسية أننا نقول "فلان ضيع الزمبراك" أي أنه فقد الاتزان والرصانة كما يحدث للساعة التي تفقد لولبها الذي من دونه لا يمكنها أن تشتغل.
زنبورك guimbarde





الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

قفيز من اللويز

القفيز هو وحدة كيل تستعمل عادة للحبوب والزيتون.
قفيز الزيتون يزن، على ما يبدو، بين 430 و 450 كغ. والكلمة موجودة في المعاجم العربية بمعنى مكيال وأيضا بمعنى وحدة لقيس المساحات "وهو من الأرض قدر مائة وأربع وأربعين ذراعا"
كلمة قفيز جاءت إلى اللهجة التونسية من العربية إلا أنها كما يقال "دخيلة". فكلمة قفيز دخلت إلى اللغة العربية إما عن طريق الأرامية (qpīzā) أو اليونانية ( kapíthi καπίθη) وكلاهما في الأصل من الفارسية (kabīz) 
وللقفيز أحفاد في شتى لغات المتوسط فهو cafiz أو cahiz بالاسبانية و caffiso بالإيطالية (16 لتر) والمالطية (19,91 لتر)
ودخلت كلمة قفيز إلى الانجليزية مرتين: الأولى عن طريق الاسبانية في القرن السابع عشر في شكل kayis ومرة ثانية في القرن التاسع عشر عن طريق المالطية  في شكل capso إلا أنهما لم تعمّرا ولم تجدا طريقهما إلى القواميس.
وتبقى كلمة قفيز مرتبطة في ذهني بالخرّاف حيث العديد من الحكايات فيها من يعطي أو يهدي "قفيز من اللويز" واللويز، كما تعلمون هو قطعة نقدية فرنسية من الذهب باسم ملوكهم Louis وهي من المكونات الأساسية للمصوغ التونسي.


يساق

نستعملها للدلالة على الممنوع (يَسَاقْ التصوير يا مادام، مثلا) كما أننا استخرجنا منها فعل يسّق (يسّقت عليه الخروج).

الكلمة أخذناها عن الأتراك العثمانيين وهي مستعملة إلى يومنا هذا في التركية الحديثة (yasak). أمّا أصل كلمة يساق فهو من أقاصي المعمورة إذ تُعلمنا المعاجم التركية أنّها تعني قانون بلغة المغول وخاصة قانون جنجيس خان.

الاثنين، 2 نوفمبر 2015

سفساري

السّفساري هو لباس النساء التقليدي في أنحاء كثيرة من تونس. وهو عبارة عن قطعة واحدة من الحايك من اللون الأبيض أو السكّري ترتديها النساء عند خروجها من البيت.


كلمة سفساري غير مذكورة في المعاجم العربية كلسان العرب أو محيط المحيط. يذكرها دوزي في ملحقه للمعاجم العربية قائلا: "والكساء السفساري نوع من الحيك ويستعمل كما يستعمل الحيك كساءً وغطاء. وكانت كلمة سفساري في أول الأمر وصفاً لكساء ثم أصبحت اسماً له". ويستشهد دوزي بالادريسي (القرن 12) في كلامه عن مدينة نول بالمغرب الأقصى: "وتباع بها الأكسية المسماة بالسفسارية". ويتضح كذلك أن الكلمة وردت على شكل سفسر وسسّاري إلا أنه لا ذكر لأصلها. 
كما نجد في صبح الأعشى للقيقشندي (بداية القرن 15) وصفا للباس سلطان تونس آنذاك:
وغالب لبسه ولبس أكابر مشايخه من قماشٍ عندهم يسمى السفساري، يعمل عندهم من حريرٍ وقطن أو حريرٍ وصوفٍ رفيعٍ جداً،

يتبادر إلى ذهن المتأمّل في كلمة سفساري القرابة الملفتة مع كلمة ساري وهو اللباس التقليدي في الهند. لكن، إن كان الأمر كذلك، من أين جاءت بداية الكلمة (سف)؟
الكلمة الهندية ساري من اللغة السّانسكريتية शाटी śāṭī (ساتي) وتعني قطعة من القماش وتم تعويض حرف التاء بالراء في اللغة الهندية. والسّاري التقليدي يتشكل من قطعتين إلا أن بعض الجهات (مثل كيرالا) ابتدعت الساري المشكل من قطعة وحيدة من القماش لونها أبيض ولها حرج مذهب. ويسمّى ست-ساري set sari أو settu saree  وهو اللباس التقليدي لطائفة المليالا (Malayala) 
فهل تكون كلمة ست-ساري (ساري كيرالا) أصلا لكلمة سفساري؟