الاثنين، 23 ديسمبر 2019

تكورة



التكورة آلة صغيرة الحجم، تستعمل بيد واحدة، لحفر المساحات الصغيرة وعزقها كما يستعملها النجار التقليدي لتنظيف أغصان الزبّوس (هل لها استعمالات أخرى في جهاتكم؟). (Fr. herminette; Eng. adze)
كلمة تكورة غير مذكورة في المصادر والمعاجم العربية كما أنها ليست موجودة في معجم الجذورالأمازيغية المشتركة* مما يوحي بأصول خارجة عن اللغتين.
نجد كلمة جد مشابهة لكلمة تكورة في اللغة اليونانية المعاصرة، فعندهم كلمة τσεκούρι ʦ͡eˈku.ɾi تعني الفأس وهي من اللاتينية securis بمعنى الفأس أيضا (Fr. hache; Eng. axe).**
في تدوينة سابقة، رأينا أن الكلمة اللاتينية securis هي أصل الكلمة الإسبانية segur التي أعطتنا كلمة شاقور.
المرجح أن تكون التكورة من نفس الأصول التي أعطتنا كلمة شاقور وأعطت للغة الإيطالية scure والرومانية secure بمعنى فأس وللفرنسية كلمات مثل sécateur و section.


* Mohand Akli Haddadou, Dictionnaire des racines berbères communes.

** τσεκούρι
Etymology From Byzantine Greek τσεκούριον (tsekoúrion, “axe”), from Koine Greek σεκούριον (sekoúrion, “axe”), from Latin securis (“axe”).
Compare Romanian secure. Noun τσεκούρι • (tsekoúri) n (plural τσεκούρια) axe (UK), ax (US)
Source: Wiktionary

الثلاثاء، 17 ديسمبر 2019

الليترة والرطل


مثقال رطل من العصر الأموي.
الليترة (هنالك من يقول إيترة) هي اللتر وهي من الإيطالية litra 
أما الرطل فجاءنا، مبدئيا، من اللغة العربية. 
يقول الخليل بن أحمد في كتاب العين وهو أقدم المعاجم العربية: "الرَّطْلُ: مِقدارُ نِصفِ منٍّ، وتُكْسَرُ الرّاء فيه." ويقول أبن منظور في لسان العرب: "الرَّطْل والرِّطْل: الذي يوزن به ويكال؛ رواه ابن السكيت بكسر الراء... قال ابن الأَعرابي: الرِّطْل اثنتا عشرة أُوقِيَّة بأَواقي العرب" (أنظر أصل كلمة أوقية هنا)
وكسر الراء هذا يحيلنا إلى كلمة ryṭlˀ  rīṭlā في اللغة الأرامية بمعنى وحدة الوزن الرومانية libra. وكلمة ryṭlˀ  هي في الحقيقة قلب لكلمة lyṭrˀ   līṭra, līṭrā في نفس اللغة.*
والكلمة الأرامية lyṭrˀ   أصلها اليونانية λίτρα** litra وهي الكلمة التي استعملها اليونانيون لترجمة وحدة الوزن الرومانية libra  كما استعملوها للإشارة إلى عملة من جزيرة صقلية.
لذا، فإن الرطل من نفس الأصول التي أفرزت الكلمات الأوروبية liter, litre, litra وكذلك كلمة livre  الفرنسية (بمعنى نصف الكيلوغرام وكذلك بمعنى العملة الأنكليزية livre sterling ورمزها كما هو معروف حرف £ وهوالحرف الأول من كلمة libra)

*
lyṭr, lyṭrˀ   (līṭra, līṭrā)   n.m.  Roman pound 1  Roman pound  CPA, Syr. OS.Bo1 : ܬܩܠܐ ܠܝܛܪܐ ܡܠ֯ܟ֯ܐ֯‏  weight of royal liter ??. P 1Ch22:14 : ܟܠ ܒ̈ܢܝ ܐܢܫܐ ܕܡܗܠܟܝܢ ܥܠ ܐܪܥܐ܂ ܠܐ ܝܿܕܥܝܢ ܠܡܚܫܒ ܣܟܐ ܕܠܝܛܪ̈ܘܗܝ‏  no person who walks on the Earth knows how to calculate the amount of its pounds. Greek λἰτρα from Latin.
ryṭlˀ   (rīṭlā)   n.m.  roman pound (liter) 1  roman pound (liter)  Gal, Syr. VR 113:3(1) : ריטלא דדהב ‏ . LSt.91:17 : ܪܝܛܠܐ ܕܩܡܚܐ‏ .
Source: The Comprehensive Aramaic Lexicon


**1 litra [Greek, λίτρα]
A unit of mass used in Greek beginning around the second century bce, about 0.33 kilograms (0.72 pounds). It is the word the Greeks used to translate the Roman “libra”. English translations of the Bible render the litra as “pound” (John 12:3; 19:39).
Source: https://www.sizes.com/units/litra.htm

**2  λίτρα: as a weight, 12 ounces, a pound, أنظر تعريف ابن الأعرابي أعلاه، في لسان العرب
Source: Henry George Liddell, Robert Scott, A Greek-English Lexicon

الخميس، 12 ديسمبر 2019

وقيّة


من وحي تدوينة الشاعرعلي الدويري سعيدان: 'هزيت من عطر خيالك وقية عوين للثتية نصبر حتى لين تتلامحك عينيا'
الوقيّة أو الأوقيّة كانت قديما وحدة وزن تختلف قيمتها حسب الزمان والمكان. 
يقول ابن منظور في لسان العرب: "والأُوقِيَّةُ: زِنةُ سَبعة مَثاقِيلَ وزنة أَربعين درهماً" ويضيف: "وكانت الأُوقِيَّة قديماً عبارة عن أَربعين درهماً، وهي في غير الحديث نصف سدس الرِّطْلِ، وهو جزء من اثني عشر جزءاً، وتختلف باختلاف اصطلاح البلاد".
والأوقية اليوم وحدة نقدية في موريتانيا.
كلمة أوقية دخلت اللغة العربية قديما ويرجح أنها أخذت عن السريانية ܐܘܢܩܝܐ‏‎ ʾūnqīyā وهي بدورها من اليونانية القديمة οὐγγία oungía  من اللاتينية uncia بنفس المعنى (جزء من اثني عشر جزءاً) وأصلها كلمة unus بمعنى عدد واحد.
لذا، فإن كلمة أوقية من نفس الأصل اللاتيني الذي أفرز الفرنسية *once والأنكليزية **ounce و ***inch.

*     Once: 'Douzième partie de la livre romaine (soit 27,28 grammes)'
**   Ounce: 'the twelfth part of a pound'
*** Inch: 'one-twelfth of a foot'

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2019

فطشاطة


الفطشاطة، كلمة تستعمل للاستهجان والتحقير، هي وجه من لا نحب ومن نريد التحقير من شأنه (Fr. sale gueule; Eng. ugly mug). قالت بنت طراد في قصيدة "تتغزل" فيها بالطرطور: "و كول الملاوي من غير ما فطشاتك تصورّها".
كلمة فطشاطة كانت تستعمل أصلا للتعبير عن واجهة المباني. ومن هذا المعنى جاء مشروع فطشاطة لتجميل الأحياء الشعبية.
قد تكون كلمة فطشاطة من الإيطالية facciata  أو من الاسبانية fachada بمعنى واجهة البناية، مرادف للفرنسية والأنكليزية façade وهي من الكلمة اللاتينية facies بمعنى شكل، مظهر، وجه. أكيد أن الكلمة التونسية جاءت من المعنى المجازي للكلمة الإيطالية/الاسبانية: المظهر الخارجي للشخص.


الاثنين، 11 نوفمبر 2019

برشة/برشا


كلمة برشا هي بطاقة تعريف التونسي في البلاد العربية
برشة تعني الكثير من والعديد من. نقول: برشا ماء كما نقول برشا ناس. كما نستعملها مع الأفعال بمعنى كثيرا، فنقول نحبك برشا، توحشتك برشا، مشيت برشا...
وهنالك من يقول برشيكة، وهي أقل تداولا لكنها ذات دلالة لمحاولة التعرف على أصل الكلمة.
البعض يقول إن برشا من العربية الفصحى إذ البرشاء من السنين ومن الأراضي هي كثيرة العشب.
الأرجح أن أصلها التركية العثمانية برچوق (birçok بالتركية المعاصرة، نتطق بِرْتشُك) بمعنى العديد من.

الأحد، 27 أكتوبر 2019

كوسالة



الكوسالة غطاء/فرّاشيّة من الصوف للوقاية من البرد (لم أسمعها بهذا المعنى خارج تونس العاصمة).
كلمة كوسالة مستعملة في الجزائر، على ما يبدو بمعنى "جلد الثورالذي يستعمل في باطن الأحذية" (ما نسميه في تونس "فرشة") وقد يكون لها معاني أخرى*. ونجد كلمة كوسالة بمعناها الجزائري في ملحق المعاجم العربية لـ Dozy الذي يعرّفها بـ "semelle intérieure".

الأرجح أن كلمة كوساله جاءتنا عن طريق التركية العثمانية أين تعني نعال من جلد البقر:


وهي kösele بالتركية المعاصرة، بمعنى جلد. 

وقد يكون الرابط الدلالي بين المعنيين الجزائري والتونسي أن الكوسالة  تُفرش (داخل الحذاء في الجزائر وعلى السرير في تونس) وتَحمي (القدم في الجزائر وكامل الجسد في تونس).
وأصل كلمة كوساله العثمانية من الفارسية "گو ساله"، تنطق go-sāla أو gawsāla، بمعنى عِجل (صغيرالبقر) في سنته الأولى أو صغير الإبل والفيلة
 (Steingass: گو ساله A calf; a young camel or elephant). 
والجزء الأول من گو ساله الفارسية (گو) يعني بقرة وهو من الأصل الهندو-أوروبي gwou- الذي أفرز الأنگليزية القديمة cu ومنها الأنگليزية المعاصرة cow

في ترحالها الجغرافي من بلاد فارس إلى بلاد المغرب عبر تركيا، قامت كلمة كوسالة الفارسية بترحال دلالي مواز، من اسم لحيوان إلى جلده إلى فرشة لحذاء من جلده إلى فرّاشية...

* وجدت في موقع جزائري، للبيع "كوسالة لسيارة" والصورة عبارة عن كرسي سيارة أمامي

تيندة


التيندة ستار متحرك يحمي واجهات المحلات من الشمس والمطر عند الضرورة. 

الأرجح أن كلمة تيندة من الإيطالية tenda بنفس المعنى، كما أنها تعني الستار بصفة عامة والخيمة وهي من نفس الأصول اللاتينية التي أفرزت الفرنسية tente والأنكليزية tent بمعنى خيمة والاسبانية tienda بمعنى خيمة ومتجر. 


ملاحظة: في الجزائر، كلمة تيندة تعني، على ما يبدو، الركح، والأرجح أن أصلها كذلك من الإيطالية teatro tenda وهو مسرح متنقل له ركح خفيف يمكن تركيبه وتفكيكه بسهولة. 
il t(eatro) tenda, organizzazione teatrale, spesso itinerante (...), che utilizza come spazio per la rappresentazione una struttura smontabile simile a quella dei circhi. (Treccani)

الأحد، 13 أكتوبر 2019

أستاذ



الأستاذ هو المُعلّم والمدرّس.
كلمة أستاذ تستعمل كذلك لمناداة المحامين.
أرجّح أنها أصل كلمة "صطا" (ج. صطاوات) التي تعنى في اللهجة التونسية بنّاء ذو خبرة، أو رئيس البنّائين. وكلمة صطا قد يستعملها البعض للازدراء من أهالي مدينة صفاقس. 
نجد هذه الكلمة كذلك في اللهجة المصرية أين الأسطا هو سائق الحافلة وغيرها من وسائل النقل العمومي. كما تطلق عندهم على أصحاب الحرف عموما.
كلمات أستاذ وصطا وأسطا  من الفارسية "اوستاد" بمعنى حرفي ماهر (مْعَلَّم) والأرجح أنها دخلت اللهجات العربية عن طريق التركية العثمانية. 

ملاحظة
لفت انتباهي أصدقاء المدونة إلى معنى "تاريخي" لكلمة أستاذ أهمَلْتُه في النسخة الأولى من التدوينة وهو الخصي، أي الذكر الذي تم استئصال خصيتيه وبذلك يمكن ائتمانه على المحارم.
لا وجود لهذا المعنى في لسان العرب وسائر المعاجم التي اطلعت عليها. إلا أن العلاقة بين الأستاذ والخصي تبرز في هذا الاستعراض لمرادفات كلمة معلّم في كتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للمقدسي البشاري: "معلم، خادم، أستاذ، شيخ، خصي".

لمن يتساءل عن سبب تسمية المعلّم والأستاذ بالخصي في بعض الأقاليم، نورد التفسير التالي:

"يقال ان اصل التسمية لـ (أستاذ) جاء من حكاية تاريخية ، مفادها ان الذوات من علية القوم هم فقط الذين كانوا يعلمون ابناءهم ، ويستقدمون لاجل ذلك المعلمين الى القصور ، ولما كانوا يخشون على حريمهم ، او زيادة في الحيطة والحذر ، فقد عمدوا الى اخصــــاء المعلم الخصوصي هذا ، أخصوه لتطمئن قلوبهم بدخوله منازلهم"
المصدر



الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

مرجان



المرجان مادة ثمينة، لونها أحمر، تستخرج من كائن حي يعيش في البحر،  اشتهرت بها مدينة طبرقة (Fr. corail; Eng. coral). كما تعني كلمة مرجان سمك لونه وردي (Fr. daurade rose, pageot).
كلمة مرجان دخلت اللغة العربية قديما بمعنى اللؤلؤ (Fr. perle; Eng. pearl):
"في التنزيل العزيز: يَخْرُجُ منهما اللؤْلؤُ والمَرْجانُ؛ قال المفسرون: المرجان صغار اللؤلؤ، واللؤلؤ اسم جامع للحبِّ الذي يخرج من الصدَفة، والمَرْجانُ أَشدُّ بياضاً" (لسان العرب)
إلا أن ابن منظور يضيف: "قال أَبو الهيثم: اختلفوا في المَرْجانِ فقال بعضهم هو البُسَّذُّ*، وهو جوهر أَحمر يقال إِن الجن تُلْقيه في البحر". نفس التعريف تقريبا نجده في رسالة الغفران للمعري. فالمرجان بالنسبة إليه قد يكون "صغار اللؤلؤ" أو "هذا الشيء الأحمر الذي يجيء به من المغرب".
أما عن "أصل" الكلمة فيرى المعري أن المرجان "من مرجت الخيل بعضها مع بعض، وتركتها كالمهملة في الأرض أو لعلّه مرجّان من جنى الشجّرة أو مرجانّ من الشياطين الفجرة، أو جان من الحيات المقتولة بأيسر الأمر، والمبغضة إلى المنفرد والعمر أي الجماعة من النّاس." 
إلا أن كلمة مرجان ليست عربية الأصل وإنما هي ذات أصول هندية (سانسكريتية) حيث تعني كلمة मञ्जरी  mañjarī  البرعم  واللؤلؤة.
 ومن الهند دخلت الكلمة الفارسية فأعطت كلمة مرواريد بمعنى لؤلؤة. ومن بلاد فارس انتشرت الكلمة فأفرزت كلمة μαργαρίτης margarítēs باليونانية القديمة  ومنها اللاتينية margarita ومنها الفرنسية القديمة margerie وكلها تعني لؤلؤة.

كما نجد آثار هذه الكلمة في أسماء Marguerite و Margaret وفي إسم الزبدة الاصطناعية margarine التي سماها مخترعها الفرنسي بهذا الاسم نظرا إلى اللون "اللؤلئي" للحامض الذي تصنع منه.

والأرجح أن العربية لم تأخذ كلمة مرجان مباشرة من الفارسية وإنما من الأرامية margalīthā/marganīthā מַר֯גַלִיתָא/ מַר֯גַלנִי التي جاءت بدورها من اليونانية μαργαρίτης.

-------
بسذ، كلمة فارسية تعني مرجان


الاثنين، 23 سبتمبر 2019

باكيتة وباڤات



الباكيتة هي العُكّاز، أي عصا يُتَوكَّأُ عليها للمساعدة على المَشْي.
كلمة باكيتة موجودة في عدد من اللغات الأوروبية كالإيطالية (bacchétta ) والاسبانية (baqueta) وهي تعني عصا صغيرة تستعمل لأغراض مختلفة كالتأديب أو السحر (عصا سحرية) أو دق الطبل، ولا تعني العكاز.
دخلت الكلمة من جديد إلى اللهجة التونسية على شكل باڤات وهي من الفرنسية baguette وتعني نوع من الخبز. 
أصل كل هذه الكلمات الإيطالية bacchétta ويرجح أنها من اللاتينية baculum  بمعنى عصا. 


الخميس، 19 سبتمبر 2019

صلاعة

سألني أحد قراء المدونة عن أصل كلمة 'صلاعة' بمعنى عطلة مدرسية.
الاجابة في الفيديو أسفله


الخميس، 12 سبتمبر 2019

ثربالة



تطالع كتابا باللغة الأنكليزية فتجد نفسك أمام عبارة  without any frills or furbelows. تفهم من السياق أنها تعني "بدون تنميق مبالغ فيه". إلا أنك ترغب في التعرف على المعنى الدقيق لكلمة furbelows التي لم تعترضك من قبل. يتضح أنها تعني:
"a gathered strip or pleated border of a skirt or petticoat."
أي نوع من الزينة على شكل قطعة من القماش يتم تجميع جانب منها ويخاط بتجاعيده بالتنّورة أو الفستان.
أي ما نسميه في لهجتنا الثربالة (أو الجلوالي في بعض الجهات).
يتبادر إلى ذهنك الشبه الملفت بين كلمة furbelow وكلمة ثربالة فتبحث عن أصلها.
يتضح أن furbelow تحريف لكمة falbala وهي كلمة أخذها الأنكليزعن الفرنسية falbala في بداية القرن 18. 
وتقول المصادر الفرنسية إن أصل falbala من البروفنصالية farbella بنفس المعنى.
أما عن الأصول البعيدة لكلمة falbala  فهناك نظريتان:
1- من اللاتينية falŭppa بمعنى قشّة أو شيء تافه. (cnrtl.fr)
2- من اللغات الجرمانية، faldan ، بمعنى طوى وهو نفس الأصل الذي أعطى الفعل الأنكليزي to fold. المصدر(etymonline.com)

وكلاهما حسب رأيي ضعيف.  


الثلاثاء، 3 سبتمبر 2019

تلميذ



التلميذ هو طالب العلم.
كلمة تلميذ موجودة بكثرة في المصادر العربية (تلميذ فلان، من تلاميذ فلان، تتلمذ على فلان...) إلا أن المعاجم الأولى (مثلا كتاب العين) لم تعرفها.
أول تعريف نجده في لسان العرب (القرن 13 ميلادي) وهو مختلف عن المعنى السائد في المصادر:
التلاميذُ: الخَدَمُ والأَتباع، واحدهم تِلْميذٌ. 
كما نجد في نفس المعجم تعريفا لكلمة تلام وهي على ما يبدو كلمة تلاميذ مبتورة:
وقال: التِّلامُ اسم أَعْجَمِي ويُراد به الصاغة، وقيل: غِلْمان الصاغة، يقال: هو بالكسر يُقْرأُ بإثبات الياء في القافية، ورواه بعضهم بأَيدي التَّلامْ، فمن رواه التَّلامِي، بفتح التاء وإثبات الياء، أَراد التَّلامِيذ يعني تَلاميذَ الصَّاغة.
كلمة تِلْميذ موجودة في اللغة العبرية على شكل תַּלְמִיד  (تنطق talmid) بمعنى طالب العلم والمعرفة وأصلها فعل לָמַד (تنطق lamad ) بمعنى تدرّب، تعلّم. ومن نفس هذا الأصل جاءت كلمة تلمود وهي تعني العقيدة.

وفعل לָמַד (lamad) العبري من الجذر السامي lmd ومن دلالاته
في الأوغاريتية: تعلّم، درّس، تلميذ، صانع
في الأرامية: تلمود بمعنى تدريس، دراسة القانون

 والجذر السامي lmd مثال عن الأصول الأفرو-آسياوية الموحدة التي تربط بين اللغات السامية واللغة الأمازيغية وهي من الفرع الغربي لهذه اللغات. وفي ما يلي جزء مما يقوله قاموس الجذور البربرية الموحدة :
LMD
elmed « apprendre, s’instruire de, p. ext. étudier, comprendre » selmed « faire apprendre » anâlmad, pl. inâlmâden « homme qui apprend, qui s’instruit de » fém. tanâlmat, pl. tinâlmâdîn ; asâlmad, pl. isâlmâden « homme qui fait apprendre, qui enseigne » fém. tasâlmat, pl. tisâlmâdîn (To) elmed « apprendre, étudier, savoir, p. ext. s’habituer à, entraîner à » selmed « faire apprendre, renseigner » lemmud, pl. lemmudan « leçon » analmad, pl. inalmaden « élève , étudiant » asalmad, pl. isalmadan « enseignant » asannalmad, pl. isannalmadan « entraîneur » (Tw et Y)

Mohand Akli Haddadou, Dictionnaire des racines berbères communes

ملاحظة : لست أدري إن كان للفعل التونسي لمّد بمعنى جمع ما هو مبعثر على الأرض علاقة بهذا الجذر

الثلاثاء، 20 أغسطس 2019

كوس



الكوس مثلث من خشب أو بلاستيك أومعدن له زاوية قائمة يستعمل في رسم الأشكال الهندسية ((Fr. équerre; Eng. set square (UK) / triangle (US).
يُعرّف الخليل بن أحمد (القرن الثامن للميلاد) كلمة كوس في كتاب العين قائلا:
الكُوسُ: خشبة مثلثة يقيس النجار بها تربيع الخشب وتدويره، وهي كلمة فارسية.
إلا أن اللغة الفارسية لا تقول للكوس كوس وإنما گونیا وهي كلمة دخلت اللغة العربية في وقت ما. نجدها عند إخوان الصفاء وهم يتحدثون عن النحلة تبني منزلها:
ولا تحتاج في عمل ذلك إلى قراءة كتب الهندسة، ولا إلى آلة البركار والمسطرة، كما تحتاجون إلى بركار تديرون بها، وإلى مسطرة تخطّون بها، وإلى شاقول تدلّون بها، وإلى كونيا تقدرون بها، كما يحتاج البنّاء إليها من بني آدم.
أما كلمتنا، كوس، فأصلها كلمة فارسية أخرى گوشه (gosha) ومن معانيها الزاوية والركن. 
وكلمة گوشه هذه أصلها كلمة گوش‎ بمعنى أذن، نجدها في كلمة لا علاقة لها بالكوس وبالهندسة وبالنجارين وهي نبتة المردقوش وهي من الفارسية وتعني حرفيا أذن الفأر.

الاثنين، 19 أغسطس 2019

بركار



البركار أو الفرجار أو البرجار أو البلجار أو الفرجان،
هو آلة ذات ساقين تستعمل لرسم الدائرة أو أجزاء منها.
ما يمكن استنتاجه من التذبذب في رسم الكلمة هو أنها ليست عربية.
كما نستنتج أن هذا التذبذب يشمل خاصة الحرفين الأول والثالث
فكُتب الحرف الأول إما فاء أو باء مما يجعلنا نرجح أن الأصل كان حرف P.
وكتب الحرف الثالث إما كاف أو جيم مما يجعلنا نرجح ان الأصل كان حرف G (أنظر كيلاني وجيلاني).

فالأصل لذا يمكن رسمه بالأحرف اللاتينية pergar
وبالفعل، نجد كلمة پرگار باللغة الفارسية بنفس المعنى

يقول صاحب تاج العروس
والدَّوَّارَةُ، كجَبَّانةٍ: الفِرْجَارُ، وهو بالفارسّية بركار، وهي من أَدواتِ النَّقَّاش والنَّجّار، لها شُعْبَتَانِ يَنْضَمّان ويَنْفَرِجان لتَقْدِيرِ الدَّارَات.

وفيما يلي، مقطع من كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والاعتبار يصف فيه المقريزي استعمال البركار في بناء مسجد:
وكان قد صرف على المسجد خاصة ستة آلاف دينار، فحفروا في مسجد الفيلة نفراً في الجبل مكان الصهريج الآن، فعمل فيه قالب الحلقة الكبيرة وقطرها عشرة أذرع ودورها ثلاثون ذراعاً وهندموه وحرّروه أياماً، وعمل حوله عشر هرج على كل هرجة منفاخان، وفي كل هرجة: أحد عشر قنطاراً نحاساً، وأقلّ وأكثر والجميع مائة قنطار وكسر، قسموها على الهرج وطرح فيها النار من العصر، ونفخوا إلى الثانية من النهار، وحضر الأفضل بكرة، وجلس على كرسيّ، فلما تهيأت الهرج، ودارت أمر الأفضل بفتحها، وقد وقف على كل هرجة رجل وأمروا بفتحها في لحظة، ففتحت، وسال النحاس كالماء إلى القالب، وكان قد بقي فيه بعض النداوة، فلما استقرّ به النحاس بحرارته تقعقع المكان الندي، فلم تتمّ الحلقة، ولما بردت وكشف عنها إذ هي تامة ما خلا المكان النديّ، فضجر الأفضل وضاق صدره، ورمي الصناع بكيس فيه ألف درهم، وغضب وركب فلاطفه ابن قرقة، وقال: مثل هذه الآلة العظيمة التي ما سمع قط بمثلها لو أعيد سبكها عشر مرّات حتى تصح ما كان كثيراً، فقال له الأفضل: اهتم في إعادتها فسبكت وصحت، ولم يحضر الأفضل في المرّة الثانية، ففرح بصحتها وعملت ورفعت إلى سطح مسجد الفيلة، وأحضر لها جميع صناع النحاس، وعمل لها بركار خشب من السنديان، وهو بركار عجيب، وبنى في وسط الحلقة مسطبة حجارة منقبة لرجل البركار، وهو قائم مثل عروس الطاحون، وفيه ساعد مثل ناف الطاحون، وقد لبس بالحديد والجميع سنديان جيد، وطرف الساعد مهيأ لعدة فنون، تارة لتصحيح وجه الحلقة، وتارة لتعديل الأجناب، وتارة للخطوط والحزوز، وأقام في التصحيح فيها، وأخذ زوائدها بالمبارد مدّة طويلة، وجماعة الصناع والمهندسين وأرباب هذا العلم حاضرون، واستدعى لهم خيمة عظيمة ضربت على الجميع، وعقد تحت الحلقة أقباء وثيقة، وأرادوا قيامها على سطح مسجد الفيلة، فلم يتهيأ لهم فإنهم وجدوا المشرق لأوّل بروز الشمس مسدوداً، فاتفقوا على نقلها إلى المسجد الجيوشيّ المجاور الأنطاكي المعروف أيضاً بالرصد، وكان الأفضل، بناه ألطف من جامع الفيلة، ولم يكمل.


الأربعاء، 14 أغسطس 2019

سبّورة



السبّورة هي لوحة جدارية كبيرة الحجم، لونها أسود أو أخضر، يكتب عليها بالطباشير وتستعمل غالبا في المدارس. ثم تطوّرت السبورة فأصبحت بيضاء يكتب عليها بأقلام خاصة، وأصبحت لامعة في الملاعب...

كلمة سبّورة دخلت اللغة العربية قديما (مذكورة في حديث) بمعنى مقارب رغم الاختلاف في الحجم. فهذا ما يقوله صاحب تاج العروس:
وفي الحَدِيث: " لا بأْس وأن يُصَلِّيَ الرَّجلُ وفي كُمِّه سَبُّورة "، هي كتَنُّومَة: جَرِيدةَ من الألْواحِ من ساجِ يُكْتَبُ عليها التّذاكِيرُ، فإذا استْغَنْوا عنها مَحَوْها، كسَفُّورة، كما سيأتيْ، وهي مُعرَّبة، وجماعةٌ من أهل الحَدِيث يَرْوُونَهَا سَتُّورة، وهو خَطَأٌ. (تاج العروس)
كما يقول لاحقا:
السَّفُّورَةُ: ... جريدةٌ من ألواحٍ يُكتبُ عليها، فإذا استَغْنَوا عن المَكْتَوبْ مَحَوْهُ، وهي مُعَرِّبَةٌ ويقال لها أيضا: السَّبُّورَةُ، بالباءِ 
ما نستنتجه من هذا التعريف هو أن السبّورة مجموعة (جريدة) من الألواح صغيرة الحجم (تدخل في الكم)، وهي من خشب صلب (الساج = Teck).
كما نستنتج من التذبذب في رسم الكلمة (سبّورة/سفّورة وحتى ستّورة) أنها ليست عربية وإنما جاءت من أصل فيه حرف P قد يكون الجذر السامي SPR وهو جذر تحوم دلالاته حول معاني التعداد والكتابة والضغط.

ففي اللغتين البابلية والسريانية نجد:

ṣapāru/ṣapāru ، ضغط، رصّع، غمز
šapāru ، بعث، شحن، كتب،
sepēru ، كتب بالحروف الأرامية

أما في اللغة العبرية، فنجد soper/sofer وهو الكاتب  والناسخ (لنلاحظ ازدواجية p و f)  و sifriyah المكتبة و safrut الأدب و beit sefer المدرسة و sefer الكتاب (وهو السِّفر بالعربية)

أما عن العلاقة بين التعداد والكتابة والضغط والشحن فيذكرنا مؤرخو الكتابة أنها ابتدعت أولا لتعداد البضائع قبل خزنها/شحنها، ويوثق هذا التعداد في ألواح من طين ترسم الحروف فوقها بالضغط على "قلم " جاف.

كلمة  أخرى قد تكون من نفس الأصل، زَبُوركما في زبور داود. يقول عنها لسان العرب:
وكل كتاب: زَبُورٌ، قال الله تعالى: ولقد كَتَبْنَا في الزَّبُورِ من بَعْدِ الذِّكْرِ؛ ... وقيل: الزَّبُورُ فَعُول بمعنى مفعول كأَنه زُبِرَ أَي كُتِبَ. والمِزْبَرُ، بالكسر: القلم. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه دعا في مَرَضِه بدواة ومِزْبَرٍ فكتب اسم الخليفة بعده، والمِزْبَرُ: القلم.

الثلاثاء، 13 أغسطس 2019

كنّش


الكُنّش هو الدفتر. 
كلمة لم  تُعرّفها المعاجم القديمة رغم ورودها (على شكل كناش/كناشة) في العديد من المصادر. فكلمة كناش عنوان لأول كتاب في الطب (كناش أهرن) ترجمه من السريانية إلى العربية الطبيب اليهودي الفارسي ماسرجويه في القرن الأول للهجرة. ثم جاءت عديد الكتب الطبية بهذا العنوان، ككناش الرازي وكناش أبي الحسين بن كشكرايا  المعروف بالحاوي.
في تكملته للمعاجم العربية يعرف Dozy كلمة كنش 
recueil de notes sur la médecine ... aussi un traité qui embrasse toute la médecine... calepin; recueil de notes, d'extraits, etc. qu'une personne compose pour son usage. 
ويشير دوزي إلى أن كلمة كنْش  سريانية وتعني التجمّع (rassemblement) وأن كنّاش بالأرامية تعني مجموعة (collection)
لذا فإن كلمة كُنّش/كُنّاش من الجذر السامي kms, kns, knš ومن معانيه التجميع لأن الكنّش مجموعة من المعلومات (compendium). ومن هذا الأصل جاء الكنيس والكنيسة (مكان الاجتماع للعبادة) كما أرجح أنه من نفس هذا الأصل جاء الفعل العربي كَنَسَ (بمعنى جمع القمامة)

الخميس، 18 يوليو 2019

طباشير



الطباشير مادة جيرية بيضاء أو ملونة يكتب بها على اللوحة والسبورة والرصيف.
إلا أن الطباشير، قبل أن يصبح أداة للكتابة، كان في الأصل دواء. لذلك وردت كلمة طباشير بكثرة في كتب الطب والأدوية. فهذا ما يقوله تاج العروس لتعريف الكلمة:
الطَّبَاشِيرُ، ... هو دَوَاءٌ يكونُ في جَوْف القَنَا الهِنْدِيّ (bamboo) ... وهو مُعرّب، قالوا: وقد يُغَشّ بِعظَامِ رُؤُوسِ الضَّأْنِ المُحْرَقَةِ، وتفصيله في كتب الطِّبّ.
ويقول ابن البيطار "إن أجوده أشده بياضا"
كلمة طباشير من الفارسية تَبْشير، بمعنى طفل وجبس، وهي بدورها  من اللغة السانسكريتية  Tvaksheera त्वक्षीर وهي كلمة مكونة من جزءين: Tvak بمعنى لحي/قشرة و sheera  بمعنى حليب.

السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف حصل الانزلاق الدلالي من دواء طبيعي إلى نوع من الكلس؟
الأرجح أن الإجابة عن هذا السؤال تكمن في الغش وفي غلاء أسعار هذه المادة المستوردة من الهند وفي الشبه بينها وبين المواد الكلسية. يقول ابن البيطار: "وقد يغش بعظام أصول الضأن المحرقة إذا ارتفعت قيمته في غير موضعه".
ولنا أن نتصور أن أحدهم عمد إلى غش الطباشير الطبيعي بالكلس أو الجير أو الجبس حتى تغيّر معنى الكلمة تماما.
     ----------
تبشیر tabshīr, Clay, fuller's earth, plaster. (Steingass Persian-English dictionary)
----------
"The Sanscrit name for tabascher is tvakkschira, bark milk ... called Bansolochan (or tabashir) is supposed to be efficacious in paralytic complications, flatulency, and poisoning cases ... a stimulant and aphrodisiac ... a febrifuge ..." (George Watt; Edgar Thurston, A dictionary of the economic products of India, 1885, in Wikipedia)
----------
Tabasheer (Hindustani: तबाशीर or طباشیر) or Banslochan (बंसलोचन, بنسلوچن), also spelt as Tabachir or Tabashir, is a translucent white substance, composed mainly of silica and water with traces of lime and potash, obtained from the nodal joints of some species of bamboo. It is part of the pharmacology of the traditional Ayurvedic and Unani systems of medicine of the Indian subcontinent. It is also an ingredient in many traditional Chinese medicines. (Wikipedia)

الخميس، 4 يوليو 2019

سفود



ترى هل من علاقة بين كلمة سفّود والإيطالية spiedo والأنكليزية spit*؟
على مستوى النطق، ورغم الفارق في الحركات، فإن الشبه واضح. ذلك أنه ليس من الغريب أن يتحول حرف P إلى حرف الفاء وأن يستبدل حرف D بحرف التاء.
(سـ فـ د / spt / spd )
أما على المستوى الدلالي فالشبه أوضح إذ ترمز الكلمات الثلاث إلى نفس الشيئ: "عود من خشب أو حديد يُنظَمُ فيه اللحمُ وغيره ليُشوَى" (ما يعرف بالسيخ في عدد من البلدان العربية و broche/brochette بالفرنسية)

كلمة سفّود مذكورة في عدد من المصادر العربية، أساسا بمعناها المتداول حاليا. من ذلك:
وتُقدّم بين يديه لحوم الأغنام والدجاج المسمنة والكراكي وغيرها من أنواع الصيد، ويحضر أبناء الملوك في يد كل واحد منهم سفود، ويوقدون النار ويشوون ذلك. (رحلة ابن بطوطة )
وكذلك:
طعنه ... برمحه فنفذه ونفذ المرأة تحته ثم رفعهما في رمحه إلى السماء كأنهما طائران في سفود (الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم)

إلا أنها وردت كذلك بمعان مختلفة شيئا ما. فهذا المقدسي البشاري يصف قبة الصخرة في مدينة القدس في القرن العاشر للميلاد:
والقبة من فوق المنطقة طولها عن القاعدة الكبرى مع السفود في الهواء مائة ذراع، ترى من البعد، فوقها سفود حسن طوله قامة وبسطة، والقبة على عظمها ملبسة بالصفر المذهب (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم)
لعله يعني بالسفّود الجامور أو الصارية المعدنية التي تعلو القبة.

كما وردت كلمة سفّود بمعنى قرداش الصوف:
كما تنشط الصوف من سفود الحديد, وهي من النشط بمعنى الجذب؛ يقال: نشطت الدلو أنشطها بالكسر, وأنشطها بالضم: أي نزعتها. (تفسير القرطبي)


وفي العديد من الحالات، وردت كلمة سفّود في سياق نفهم منه أن السفّود سلاح حاد. من ذلك: 
فلما دخلت العير المدينة تقدم قصير فوقف على الباب وعليه بوّابون من النبط وفيهم رجل بيده سفَود فطعن جولقاً منها فأصاب رجُلاً (الروض المعطار في خبر الأقطار، الحميري)


ونستشف معنى السلاح كذلك من المقطع الموالي من مختصر تاريخ دمشق لابن منظور
فينطلق إليه ملك الموت في أكره صورةٍ رآها أحدٌ من الناس قط، له اثنتا عشرة عيناً، ومعه سفود من النار، كثير الشوك

ويعرّف ابن منظور كلمة سفّود في لسان العرب قائلا:
والسَّفُّودُ والسُّفُود، بالتشديد: حديدة ذات شُعَب مُعَقَّفَة معروف يُشْوي به اللحم، وجمعه سفافيد.
ويحتفظ صاحب تاج العروس بهذا التعريف، مضيفا : "وجعله الزمخشريُّ من المجَاز، حيث قال: ويُكْنَى به عن الجِمَاع". وهذه إضافة مقنعة لأن الجذر السامي spd/sfd لا يمت بصلة لا بالجماع ولا بالأدوات الحادة، وإنما يشيرأساسا إلى النواح والرثاء والاضطراب:
نعود الآن إلى الشبه بين سفّود والكلمتين الإيطالية (spiedo) والأنكليزية (spit). تقول المعاجم إن أصل الكلمتين جرماني (*spituz بمعنى سفّود)  وأنها دخلت اللاتينية المتأخرة (spedus) ومن إفرازاتها الأخرى الكلمة الفرنسية épieu. كما نجدها في العديد من اللغات الأخرى (التشيكية Špíz والدانمركية spyd والألمانية Spieß والليثوانية špaga والسويدية grillspett).

الأرجح أن كلمة سفّود دخلت اللغة العربية عن طريق إحدى اللغات المشرقية التي أخذتها بدورها عن اللاتينية.
أنظر أسفله التأثيل المفصل للكلمتين الإيطالية والأنكليزية.
-------------
* اللغة الأنكليزية لها كلمة ثانية تعني سفّود وهي skewer
-------------
إثراء من عند الصديق علي الدويري سعيدان: "ومن الكلمات المتداولة والشبيهة في جذرها( س ف د) كلمة سفيدة وتعني السيف. كنا صغارا نستعملها في التعبير عن ملارزاتنا بالسيوف الخشبية. كما تجدر الإشارة الى اسم سمك السيف او بوسيف l'espadon"


Italiano: spiede/spiedo

English: spit (n.2) "sharp-pointed rod for roasting meat," late Old English spitu "a spit," from Proto-Germanic *spituz (source also of Middle Dutch and Dutch spit, Swedish spett (which perhaps is from Low German), Old High German spiz, German Spieß "roasting spit," German spitz "pointed"), from PIE *spei- "sharp point" (see spike (n.1)). This is also the source of the word meaning "sandy point" (1670s). Old French espois, Spanish espeto "spit" are Germanic loan-words. The verb meaning "to put on a spit" is recorded from c. 1200.


الأحد، 2 يونيو 2019

قرطلة



القِرْطِلَّة سلة من قصب تستعمل عادة لنقل الفواكه الرخوة مثل التوت والتين والعنب (نقول: "أعطيني قرطلتي، ما حاجتي بعنب" للتخلي عن مطلب واسترجاع ما تم استثماره وتفادي خسائر إضافية). 
وفي الجزائر، لها معنى سلة صغيرة لتقديم الخبز والفاكهة على المائدة.

حسب ابن منظور في لسان العرب، القرطلة هي "العديلة"
القِرْطَلَّة: عِدْلُ حمار؛ عن أَبي حنيفة، قال في باب الكرْم ووصَف قرية بعِظَم العَناقيد: العُنْقودُ منه يملأ قِرْطَلَّة، والقِرْطَلَّة عِدْل حمار. الليث: القِرْطالة البَرْذَعة
أما Dozy في ملحقه للمعاجم العربية فيرى شبها بالكلمة السريانية "قرطلا" وأصلها الكلمة اليونانية κάρταλλος بمعنى سلة مخروطية الشكل (κάρταλλος A basket with pointed bottom) وهي بدورها قد تكون من الكلمة الحيثية (Hittite) kurtal(i) بمعنى حاوية من  خشب أو قصب.

*******
علّق أحد القراء أننا نقول كذلك "رأس القرطلة خامج" وهي عبارة نستعملها للتعبير عن فساد كبار المسؤولين

الخميس، 23 مايو 2019

سبت


السْبَتْ هو السلة المصنوعة من الخيزران (تشبه الكنسترو والسيستو*)
كلمة سبت من التركية العثمانية سپت / سبد، بمعنى سلة من الخيزران (وهي sepet بالتركية المعاصرة)، وهي بدورها من الفارسية سبد بنفس المعنى.
والكلمة الفارسية من نفس الأصل الهندو-أوروبي (seip-, seib-) الذي أفرز الأنكليزية sieve (الغربال) وهذا معقول لأنه من الوظائف التقليدية للسلة فرز الأشياء الصلبة من السوائل.

* يرجى ممن يفرق بين هذه الكلمات توضيح ذلك في تعليق أسفل هذه التدوينة وشكرا.

الثلاثاء، 30 أبريل 2019

نسري


النسري نوع من الورود البرية (Fr. églantier; Eng. sweet brier)، اسمه العلمي: Rosa rubiginosa. يقطر  ويستعمل ماؤه لتعطير كعك الورقة الذي اشتهرت به مدينة زغوان.
كلمة نسري تحريف لكلمة نسرين وهي من الفارسية نسرين بفتح النون الأولى بنفس المعنى.

الصورة لأنس جدي

الأحد، 21 أبريل 2019

لمبوكة


اللمبوكة سمكة لها ألوان بديعة في البحر إلا أنها تفقدها خارجه بعد وقت قصير، إسمها العلمي Coryphaena hippurus وهي dolphinfish و mahi-mahi باللغة الأنكليزية و daurade coryphène باللغة الفرنسية.

كلمة لمبوكة مستعملة (مع فارق طفيف في النطق) في بلدان عربية أخرى ومنها الجزائر وليبيا ولبنان وسوريا. كما نجدها في العديد من لغات الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط برسوم مختلفة مثل lambuka, lambuga, lampuka, lampuga في الإيطالية والاسبانية والبرتغالية والمالطية  والصربية والكرواتية والتركية ...*
كما كان الفرنسيون يسمون هذه السمكة lampuge قبل أن تندثرهذه الكلمة وتعوض بتسمية daurade coryphène.
 وتقول المعاجم الأوروبية إن أصل هذه الكلمة غير معروف. إلا أن نقاشا (بالفرنسية) حول أصل الكلمة في منتدى بابل (Projet Babel) يشيرإلى أصول باليارية (نسبة إلى جزر الباليار الاسبانية) إذ يتضح من هذا النقاش أن في لغة البالياركلمة llampuc تعني البرق وتؤنث على شكل llampuga بمعنى البرق البعيد الذي لا يسمع له صوت رعد.
كلمة llampuc/llampuga بمعنى برق من الفعل اللاتيني lampo-are بمعنى لمع وسطع وهو من اليونانية λάμπω lampo بنفس المعنى.
فهي لذا من نفس الأصل الذي أعطانا لامبة و لمبارا...

 * أنظر هذه الصفحة من موقع  fishbase للتعرف على قائمة مطولة في أسماء اللمبوكة عبر العالم.


الجمعة، 12 أبريل 2019

قرنفل


كلمة قرنفل تطلق على شيئين اثنين: 
  1. عود القرنفل (أو كبش القرنفل في لهجات أخرى)، من البهارات (Fr. clou de girofle; Eng. clover)، وهو عبارة عن برعم شجرة القرنفل واسمها العلمي  Syzygium aromaticum
  2. زهرة القرنفل (Fr. oeillet; Eng. carnation) إسمها العلمي Dianthus caryophyllus  
كلمة قرنفل بمعنييها دخلت اللغة العربية قديما. نجدها في شعر امرؤ القيس حيث قال:نَسِيم الصَّبا جاءت برَيَّا القَرَنْفُل
كما وردت في أقدم المعاجم العربية ككتاب العين "قرفل: القَرَنْفُلُ: حمل شجرة هندية."

المتأمل في الرسم الموالي يلاحظ تطابقا ملفتا بين كلمة قرنفل وكلمة carophyllus اللاتينية وكلمة girofle الفرنسية
   ذلك أن أصل قرنفل و carophyllus و girofle واحد: اليونانية   χαρυο ́φυλλον karyophyllon بنفس المعنى.

أما إطلاق نفس الاسم على البهار والزهرة فهو ليس خاصية عربية، فاليونانية المعاصرة تسمي البهار والزهرة γαρύφαλλο garýfallo واللغة لانكليزية، تسمى زهرة الـ carnation كذلك clove pink. أما الفرنسية فتسمي الزهرة oeillet giroflé


ملاحظة عابرة: الكلمة الأنكليزية clove تحريف للكلمة الفرنسية clou (de girofle)

السبت، 30 مارس 2019

تبوريب


 حديثا دخلت كلمة "تبوريب" المعجم السياسي التونسي. فهذا محمد عبو يقول "التمسك بناجم الغرسلي تبوريب"، وهذا ياسين براهيم يتكلم عن "تبوريب بعض قيادات الاتحاد"، وهذه جريدة الصباح تصدر قرصة عن التبوريب:
قرصة: تبوريب. ما جناه المواطنون جراء اضراب السكك الحديدية "مشطرة" لممارسات المستقويين و "الباندية..." اليوم دخلنا عهد "كل واحد ياخذ حقّو بيدو"، أنعم بها ثورة جعلت "العزري أقوى من سيدو"
التبوريب هو فعل الـ "باربو" وهو المتسلّط والمتعسّف وهو من يستعمل القوة  للحصول على ما يريد، (فلان عايش باربو عالناس، عايش بالتبوريب).
ومن كلمة باربو جاء أيضا فعل "يتبورب" أي يستعرض عضلاته ويتسلّط. 

كلمة باربو من الفرنسية barbeau بمعنى قوّاد (من يستغل البنات للعهر Fr. souteneur, proxénète; Eng. pimp).
أما الكلمة الفرنسية فأصلها إسم سمكة الـ barbeau. وللمتسائل عن العلاقة بين هذه السمكة والقوادة نشير أن للغة الفرنسية  أكثر من اسم سمكة يدل على القوّاد، فمن مرادفات souteneur نجد كذلك maquereau و hareng و merlan (أنظر هذا الرابط باللغة الفرنسية للمزيد من المعلومات حول العلاقة بين القوادة والاسماك في اللغة الفرنسية).

في الصورة Barbeau commun (Barbus barbus) 

السبت، 16 مارس 2019

جرانة / جرعانة


الجرانة (تنطق إجْـ ـ جرانا) هي الضفدعة (وتسمى كذلك الجُرْعانة والجُعْرانة في بعض المناطق).
ما من شك أن كلمة جرانة من الأمازيغية. فالضفدعة في هذه اللغة لها أسماء تتشكل أساسا من حرفي الجيم والراء، علما أن حرف الجيم قد ينطق "دج" أو "ج"  أو"گ g"  حسب اللهجات، فالطوارق مثلا يسمون الضفدعة "أدجرو" (ج. إدجران) وهي "أجرو" (ج. إجروان) في بعض المناطق، وفي لهجة الزناگة الموريتانية هي "أگـاري" (ج. گـاران). (أنظر أسفله تفاصيل عن الجذر الأمازيغي GR في معجم الجذور الأمازيغية المشتركة لمحند أكلي حدادو).

الملفت هو الشبه الدلالي والنطقي بين هذه الكلمات الأمازيغية ومرادفاتها الفرنسية grenouille والإيطالية rana والكاتالانية granota ويقال أن كلها من اللاتينية ranunculus وهو تصغير لكلمة rana.
أما الصيقلية giurana والمالطية  żrinġ /zrɪntʃ فأصلهما اللهجات المغاربية.
كما نجد كلمة rana  في لغة الهاوسا (نيجيريا والنيجر).
وبما أنه لا وجود لأصل هندو-أوروبي للكلمة اللاتينية فالأرجح أن أصلها الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.



ملاحظة 1: كلمة جرانة لها أيضا معنى الكمنجة ولم أعثر بعد على أصل هذه التسمية
ملاحظة 2: لا وجود، في المعاجم الفرنسية، لتفسير مقنع لإضافة حرف g إلى الأصل اللاتيني في الكلمة الفرنسية grenouille 

السبت، 9 مارس 2019

فرزيطة




الفرزيطة غطاء، من الصوف أو غيره، للوقاية من البرد في الفراش أو غيره، وهي واحدة من الكلمات العديدة المستعملة عندنا لهذا النوع من الأغطية كالفرّاشية والبطّانية والزاورة والعبانة والكُسالة.... (Fr. couverture; Eng. blanket) حسب علمي، عادة ما تكون الفرزيطة أخف وزنا من الفراشية.
كلمة فرزيطة مستعملة كذلك في الجزائر أين يقال لها "فرزيطة" وكذلك "فرصادة".
الأرجح أن كلمة فرزيطة (فرصادة) من الاسبانية frazada بنفس المعنى وأصلها من اللغة الكتلانية flassada  كما نجدها في اللغة الأكسيتانية (occitan) على شكل flaçada.

تعريف كلمة frazada في معجم الأكاديمية الاسبانية:
frazada Del cat. flassada.1. f. Manta peluda que se echa sobre la cama.
ملاحظة1
رغم الشبه على مستوى الرسم والنطق، لا أظن أن هنالك علاقة دلالية بين الفرزيطة (الغطاء) والفرزيط (الصرصار، Fr. cigale; Eng. cicada)
ملاحظة2:
 كلمة فرصادة موجودة في بعض اللهجات العربية بمعنى شجرة التوت وهي من الفارسية فرساد. يذكرها ابن البيطار في الجامع لمفردات الأدوية والأغذية  فيقول: "فرصاد: هو التوت العربي"

الأحد، 3 مارس 2019

كناتري


الكناتري(ج. كناترية) هو من امتهن "الكُنْترا" أي التهريب.
كلمة كنترا لها أصول أوروبية واضحة فهي تمثل الجزء الأول من كلمة contrabando الايطالية التي أفرزت الفرنسية contrebande ومرادفات لها في العديد من اللغات الأوروبية الأخرى.
وكلمة contrabando الإيطالية تعني "سلع لم تدفع عليها ضرائب" أي سلع مهربة وهي متكونة من contra بمعنى مخالف. أما كلمة bando  فأصلها banno وهي من الأصل الجرماني bannan الذي يعني في الأصل "منع وأمر مهددا"، ومنه جاء الفعل الأنكليزي to ban والفعل الفرنسي bannir والعديد من الكلمات الأخرى المتصلة بمعنى المنع والاقصاء.
أصل كلمة ban الفرنسية حسب موقع cnrtl.fr
ban « loi dont la non-observance entraîne une peine » (a. h. all. ban «commandement sous menace de peine, défense, juridiction et son domaine», a. nord. ban «défense»
ملاحظة: الكلمة الجزائرية "طرابندو" من نفس الأصل حيث تم الاستغناء عن المقطع الأول لكلمة conTRABANDO 

السبت، 23 فبراير 2019

قابس قفصة



تخمينات حول أصل إسمي قابس وقفصة.
قابس وقفصة (تنطق القاف كالجيم المصرية) مدينتان / واحتان في الجنوب التونسي. اسم الأولى باللاتينية tacapae / tacapes أما الثانية فاسمها capsa.
بدون "تا" التأنيث الأمازيغية في بداية تاكابي / تاكابس يبدو الشبه واضحا بين الاسمين capes و capsa ويبدو أنه لما تم تعريب الاسمين أخذت الأولى حرف الباء والثانية أخذت حرف الفاء عوضا عن الـ p اللاتينية (وهذا مألوف).
إلا أن اسم المدينتين ليس لاتينيا ولم أجد له جذرا أمازيغيا مقنعا.

أرجّح أن يكون أصل الاسمين فينيقيا. 
بداية، يجدر التنويه إلى أن اللغة اللاتينية ليس لها حرف "غ" لذلك تستبدل هذه اللغة حرف الغين في الكلمات التي تقترضها بحرف "ك" مثل Cydamus (تنطق كيداموس) لغدامس و Ziqua لزغوان.
بهذا المنطق، قد يكون أصل الاسمين "غب"  و"غب" من الجذور السامية (أنظر أسفله) ويدل على منخفض من الأرض كما يدل على الغابة أي المجموعة الكثيفة من الأشجار.
وكلمة غابة العربية من نفس الأصل السامي ولها نفس المعنى. ففي لسان العرب نكتشف أنه من معاني كلمة غابة "الوَطَاءَةُ من الأَرض" كما تدل الكلمة على "الأَجَمَة التي طالتْ، ولها أَطْراف مرتفعة باسِقَة" 
فهل يرجع أصل قابس وقفصة إلى الفينيقية بمعنى الغابة أو الواحة بنخلها العاتي والكثيف؟
علما أنه، في قابس على الأقل، إلى يوم الناس هذا، تسمى الواحة الغابة ويسمى من يتعاطى الفلاحة فيها "غاباجي"

بعض المعطيات عن الجذر "غب" في اللغات السامية:
Mazzini, Giovanni. “LEXICAL OBSERVATIONS ON UGARITIC ĠB AND SOME PROBLEMS OF CLASSIFICATION.” Studi Classici e Orientali, vol. 56, 2010, pp. 11–22. JSTOR, JSTOR, www.jstor.org/stable/24190201.