الثلاثاء، 30 يونيو 2020

سماط



 

smā:ṭ. السماط خبز على شكل أقراص صغيرة يوزع على قراء القرآن في مقام سيدي بلحسن الشاذلي. كما يوزع على زوار المقام ومنهم من يعود به لعائلاته بنية التبرك.  والسماط أيضا عشاء "يعد خصيصا لأركان العمل الشاذلي من المشائخ المذكورين ومساعديهم." وهذا العشاء مرتبط بقراءة من قراءات الطريقة الشاذلية تسمى وظيفة السماط.  (المصدر صفحة الاستاذ المستاوي mestaoui.tn)

كما تستعمل كلمة سماط خارج هذا الإطار: تقولها ربة البيت وهي تقدم أكلا نادرا أو أولى فواكه الفصل لضيف عزيز، ومعناها المجازي، حسب التقريب، "ذواقة"، لا تحاسبنا على الكمية، للبركة، رجاء لا ترفض... 

كلمة سماط مستعملة في لهجات عربية أخرى. فهي أكلة فلسطينية مكونة أساسا من عدس وطحين وبصل. وهي منديل الطاولة في السعودية (Fr. nappe; Eng. table-cloth) وهي الأكل في العراق (صْماط) 

يتضح إذن أن السماط  مرتبط بالأكل. 

وهي، فعلا، من كلمة سِماط ومعناها ما يفرش على الأرض ليوضع عليه الطعام في المآدب والولائم ("فأمرتهم بالجلوس على السماط ليأكلوا حتى يشبعوا من سائر الألوان"(ألف ليلة وليلة)). لكن هذا المعنى يبدو حديثا أو عاميا لأننا لا نجد له أثرا في المعاجم القديمة (كتاب العين، لسان العرب). فالسماط في لسان العرب هو الصف ("قامَ القومُ حولَه سِماطَيْنِ أَي صفَّين، وكلُّ صفٍّ من الرجال سِماطٌ") وهو الجانب ("والسِّماطانِ من النخْل والناسِ: الجانِبانِ، يقال: مشَى بين السِّماطينِ") ويقول الزمخشري "خذوا سماطي الطريق: جانبيه".  

فهل من علاقة بين الصف/الجانب من جهة وكل المعاني المتصلة بالأكل والولائم وما يفرش لتقديمها؟ 

 قد نعثر على مفتاح الحل لهذا اللغز في رحلة ابن بطوطة، إذ يقول: "وجعلوا الطعام سماطين، وعلى كل سماط صفان. ويكون في رأس الصف كبير القوم الواردين". نفهم من هذا أن تحولا دلاليا حصل لكلمة سماط: لأن ما يفرش للأكل (الرقعة أو الحصير مثلا) عادة ما يكون مستطيلا فإنه يسمح بجلوس سمطين/صفين من الناس.  

كما حدث تطور لاحق لهذه الكلمة. فبعد أن كانت صفا من الناس، أصبحت رقعة يصطف من حولها ضيوف الولائم، ثم أصبحت الطعام الذي يقدم على الرقعة ("ومد السماط بين أيديهم، فأكلوه"(ابن تغري بردي)).  

فكلمة سماط في اللهجة التونسية تبدو وليدة هذا التطور الدلالي إذ هي أولا وليمة المشايخ الشاذليين وما خبز السماط سوى جزء صغير من البركة التي يعتقد البعض أنها متأتية منها. أما تسمية القراءة بوظيفة السماط فهي توحي بأن الهاجس تحول من الروحاني (ذكر) إلى المادي (الوليمة أولا وآخرا).                                                        

ملاحظة 1: من المعاني العديدة لفعل سمط، نجد التعريف التالي في لسان العرب: "وأَصل السَّمْطِ أَن يُنْزَعَ صُوفُ الشاةِ المذبوحة بالماء الحارِّ" ومنه جاءت المقرونة المسموطة. 

ملاحظة 2: سماط سوق القيروان المذكور في كتاب المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب للبكري هو، على الأرجح، ناتج عن معنى صفان من الدكاكين.