الهيدوق (تنطق hii-doog) كلمة نستعملها اليوم مجازا لاستهجان الرجل الذي يلعب الأدوار القذرة خدمة لمن هو أعلى منه مقاما. فنقول مثلا "هذا هيدوق المدير العام" عن الموظف الذي يتلفظ بما لا يليق للمدير العام أن يجهر به. للكلمة كذلك معنى من يستميت في الدفاع عن أصحاب السلطة. ففي مقال صحفي تونسي نجد: "...من تجندوا لحماية هذا النظام وهياكله ابتداء من الهيدوق ورئيس الشعبة وغيرهم" وفي زمن الشغب "يوللي الهيدوق الفاتق الناطق" أي أن من كان في أدنى الرتب يصبح صاحب الأمر والنهي.
وكان الهيدوق سابقا هو الحارس الشخصي لأصحاب الجاه، يصطحب سيده أينما ذهب ويحميه إن تعرض لمكروه.
كلمة هيدوق مستعملة كذلك في ليبيا والجزائر. ففي ليبيا الهيدوق (ج. هواديق) هو الغبي من الرجال، المضحوك عليه، الحمار... وفي مقال صحفي ليبي نكتشف أن "الهيـدقـة مصطلح شعبي ليبي يعني الفوضى وقلة الانضباط والعشوائية".
أما في الجزائر فهو طائر (صغير الحجلة) وآلة موسيقية إذ يفيدنا موقع منتدى سماعي أن محمد الطاهر الفرقاني (وهو فنان جزائري) كان "يعزف أيضا على الرباب و البيانو و ألات الدف و الدربوكة و الفحل و الهيدوق..."). ومن الاستعمالات الجزائرية أيضا "ثورة الهيدوق" وهذا ملخص لملابساتها:
انه وفي أوائل شهر جويلية 1915 كانت حملة الحصاد قد بدأت بالمنطقة التي كان يحكمها النقيب ماسونييه مع قلة من جنود السبايس ..وعلى حين غرة قامت مجموعة من المواطنين المخلصين بحرق جميع محاصيل الباشاغا بن قانة الذي كان باسطا نفوذه من بسكرة إلى المسيلة ، مستغلين بذلك غيابه عن المنطقة ... الحملة قادها ودبرها المجاهد الشهيد العيدون الهيدوق رفقة ثلة من المواطنين
المصدر هنا
ولست أدري إن كان الهيدوق في هذه الثورة لقب عائلي أم صفة، إذ يتضح أن هنلك علاقة وثيقة بين الهيدوق والمقاومة.
الأرجح أن كلمة هيدوق جاءت مع العثمانيين وهي عندهم هايدوت وتعني مجرم، قاطع طريق، لص... (وهي لا تزال موجودة في التركية المعاصرة على شكل haydut) أما عند الشعوب التي احتلوها وخاصة في منطقة البلقان فكانت تعني مناضل، مجاهد. ونشأت صورة نمطية للهيدوك (hajduk) في أوروبا الوسطى تمزج بين اللص والمناضل، على شاكلة روبن هود (Robin des bois). فالهيدوك عندهم سارق يسلب الأتراك الأغنياء ويعطي للفقراء. ثم تطورت الكلمة وأصبحت تعني جنود مشاة يقودهم فارس لمقاومة الاحتلال العثماني.
وهذا من شأنه أن يقربنا من المعنى الجزائري لثورة الهيدوق خاصة وأن صاحب المزارع هو باشآغا.
أما المعنَيَيْن التونسي والليبي فيعكسان بالتأكيد وجهة النظر العثمانية بما فيهما من استهجان لوضاعة الهيدوق ودفاعه الأبله عن سيده.
أما أصل الكلمة فيشوبه الغموض وتتضارب في شأنه النظريات فهو من اللغة المجرية بمعنى راعي بقر بالنسبة للبعض وهو من المقدونية بمعنى عسكر مشاة بالنسبة للبعض الآخر وهو من التركية بمعنى لص بالنسبة لصنف ثالث.
الهيدوق يدافع على الدولة، مقطع من مسرحية حمّة الجريدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق